الحجاج والفتى المحدث
الجزء الثاني
هي من أعز خلق الله تعالى علي غير أني قد خطبتها قبل ذلك فامتنعت.
قال: كلا، إن الامتناع كان من قبل أمها، وهي الآن قد سمحت ورضيت بذلك.
فقلت: شأنك.
فرجع إلى امرأته فأخبرها بقولي، فجمعت عشيرتها فزوجوني إياها فقلت: عجل علي بابنة عمي كيف
شئت ثم أريك الخابية. فأهديت إلي، ولم تدع شيئاً يصنع بأشراف النساء إلا فعلته. ثم زفت ابنتها علي
وأحضرتها بكل ما وجدت إليه سبيلاً، وأخذ عمي متاعاً من التجار بعشرة آلاف درهم، وكان يأتينا في
كل صباح من قبل أبويها لطائف وتحف مدة. فلما كان بعد ذلك بأيام أتاني عمي وقال: يا ابن أخي، إنا
قد أخذنا من التجار متاعاً بعشرة آلاف درهم، وليسوا صابرين على حبس الثمن.
قلت: شأنك والخابية.
فمر مسرعاً حتى جاء بالرجال والحبال فاستخرجها وحملها، ومر مسرعاً بها إلى مترله، فلما فتحها كان
فيها ما علمت، فما كان بأسرع من أن جاءت أمها بجواريها فلم تدع في مترلي كثيراً ولا قليلاً إلا حملته،
فبقيت مهاناً على الأرض وجفتنا كل الجفاء، فهذا حالي، أصلح الله الأمير، فأنا من خجلي وضيق صدري
آوي إلى المساجد.
فقال الحجاج: يا خالد، مر للفتى بثياب ديباج وفرس أرمنية وجارية وبرذون وغلام وعشرة آلاف درهم.
وقال: يا فتى اغد إلى خالد غداً حتى تستوفي منه المال.
فخرج الفتى من عند الحجاج، قال: فلما انتهيت إلى باب داري سمعت ابنة عمي تقول: ليت شعري ما
أبطأ بابن عمي، أقتل أم مات أم عرض له سبع؟
قال: فدخلت عليها وقلت: يا ابنة عمي أبشري وقري عيناً فإني أدخلت على الحجاج فكان من القصة
كيت وكيت. وحكيت لها ما كان من أمري، فلما سمعت الفتاة مقالتي لطمت وجهها وصاحت، فسمع
أبوها وأمها وأخواتها صراخها فدخلوا عليها وقالوا لها: ما شأنك؟ فقالت لأبيها: لا وصل الله رحمك ولا
جزاك عني وعن ابن أخيك خيراً جفوته وضيعته حتى أصابته الخفة وذهب عقله اسمع مقالته.
فقال العم: يا ابن أخي ما حالك؟ فقلت: والله ما بي من بأس إلا أني دخلت على الحجاج وذكر له من
أمره ما كان وأنه أمر له بمال جزيل.
فقال العم لما سمع مقالته: هذه مرة صفراء ثائرة فباتوا يحرسونه تلك الليلة فلما أصبحوا بعثوا إلى المعالج
فجعل يعالجه ويسعطه مرة ويسهله أخرى، فيقول الفتى: والله ما بي من بأس وإنما أدخلت على الحجاج
فكان كيت وكيت. فلما رأى الفتى أن ذكر الحجاج لا يزيده إلا بلاء كف عنه وعن ذكره ثم قال له: ما
تقول في الحجاج؟ قال: ما رأيته. ثم خرج المعالج فقال لهم قد ذهب عنه الأذى ولكن لا تعجلوا بحل قيده (.............)
تابع القصة فى الجزء الثالث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق