التربية الإسلامية -علم القلوب - الدرس ( 02 - 57) : رحمة الله.
فالإنسان: عليه أن يتبصر, هل يرجو رحمة الله من عمله؟ غير المؤمن: يبحث عن مصلحته, يبحث عن شهوته, يبحث عن لذته, يبحث عن مكاسب مادية, بينما المؤمن: يرجو رحمة الله, هذا –هو- الفرق الجوهري؛ رحمة الله هي الجنة:
الآن: كل مكارم الأخلاق, مجموعة في رحمة الله:
لو أن الإنسان خلق ليكفر, أو خلق كافراً, لا يوجد داع لكي يعذبه الله:
الآن: هذه الرحمة التي هي السبب, والهدف, والمصير, والباعث لكل معالجة. يقول الله عز وجل:
من معاني الرحمة قال:
الآن: الآية الأولى:
الآن: حينما تُضطر من أجل أن تنال رحمة الله؛ أن تعاكس من حولك, أو أن تعاكس أقرب الناس إليك, قال: أنت مكلف مع هذا الهدف النبيل, والوسيلة المزعجة: أن تكون ليناً:
-يعني- أحياناً الإنسان: يؤمن, يستقيم؛ يكون قاسياً مع والدته, قاسياً مع والده, قسوة لا مبرر لها, فمن أجل رحمة الله: يقف موقفاً قاسياً, هذا ما أراده الله عز وجل, حتى وأنت ترجو رحمة الله؛ أن تكون معتدلاً, أن تكون ليناً, وأن ترعى من حولك:
سيدنا الخَضِر -هذا الذي وردت قصته في القرآن الكريم- قال:
طبعاً آيات كثيرة جداً: من رحمة الله, لكنه موضوع مهم: أن ترى رحمة الله هي كل شيء, وأن تسعى إليها, وأن ترجوها, وأن تكون هي المصير, وهي الهدف, وهي السعادة, وهي الشيء الذي يتمايز به المؤمنون, ورحمة الله: تأتي من طاعته, وتأتي من الإحسان إلى خلقه, فكلما كنت أكثر إحساناً للخلق, كنت أقرب إلى رحمة الله.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1999-02-08
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
البارحة: كان الحديث حول الحكمة التي حينما يؤتاها الإنسان من قبل الله عز وجل, فقد أوتي خيراً كثيراً, وذكرت بالمقابل: أن الدنيا بكل ما فيها من متع, وصفها الله: بأنها متاع قليل:
أيها الأخوة الكرام:
البارحة: كان الحديث حول الحكمة التي حينما يؤتاها الإنسان من قبل الله عز وجل, فقد أوتي خيراً كثيراً, وذكرت بالمقابل: أن الدنيا بكل ما فيها من متع, وصفها الله: بأنها متاع قليل:
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾
﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾
وتطرقت البارحة إلى عطاء آخر, لا يقل عن الحكمة: إنه رحمة الله عز وجل, وقد - يعني- رغبت أن أتعرف إلى الآيات الكريمة, التي تتحدث عن رحمة الله, فهناك آيات كثيرة, لكن: يستنبط من هذه الآيات حقائق, الحقيقة الأولى: يقول الله عز وجل:﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ﴾
معنى ذلك: أن الإنسان الذي يؤمن, ويستقيم, ويجاهد في سبيل الله: نفسه وهواه, إنما يرجو رحمة الله؛ المؤمن: يرجو رحمة الله, والكافر: يرجو الدنيا؛ يرجو مالها, يرجو نساءها, يرجو سمعتها.....فالإنسان: عليه أن يتبصر, هل يرجو رحمة الله من عمله؟ غير المؤمن: يبحث عن مصلحته, يبحث عن شهوته, يبحث عن لذته, يبحث عن مكاسب مادية, بينما المؤمن: يرجو رحمة الله, هذا –هو- الفرق الجوهري؛ رحمة الله هي الجنة:
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
الحقيقة: من المعاني الجامعة, المانعة, الواسعة, الشاملة؛ هي رحمة الله عز وجل, هي الجنة, الهدف من الإيمان, والعمل الصالح, والمعاملات, والأخلاق, وما إلى ذلك..... –هو- أن المؤمن يرجو رحمة الله, وصل للجنة, الجنة: هذه رحمة الله عز وجل.الآن: كل مكارم الأخلاق, مجموعة في رحمة الله:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾
إذاً:هي السبب, وهي الهدف, وهي المصير, مكارم الأخلاق سببها:﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾
اللين, واللطف, والرحمة, والشفقة, والعطف, بسبب ما استقر في قلب رسول الله من رحمة, من خلال اتصاله بالله؛ فهي السبب, هي الهدف:﴿يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ﴾
هي المصير:﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
هي الأمل:﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾
الآن: ما تشاهد في الدنيا؛ من مصائب, ومن كوارث, ومن فيضانات, ومن زلازل, ومن حروب أهلية, الشيء الذي لا يُحتمل: يُفسر برحمة الله:﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾
-يعني- تقتضي رحمة الله عز وجل: أن يسوق هذا المجرم إلى الجنة, أن يسوقه إلى الهداية, أن يسوقه إلى التعريف بمهمته في الحياة.لو أن الإنسان خلق ليكفر, أو خلق كافراً, لا يوجد داع لكي يعذبه الله:
﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾
لو أن الإنسان مخلوق لجهنم, أو ما كلف بالهداية, لا يوجد داع أن يكون مع الكفر, هناك تعذيب.الآن: هذه الرحمة التي هي السبب, والهدف, والمصير, والباعث لكل معالجة. يقول الله عز وجل:
﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
هذه الرحمة: ثمنها الإحسان:﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾
إن أردت رحمة الله ,هذا العطاء المطلق, والحقيقة: لو دققت بالتفاصيل, لوجدت رحمة الله -يعني- كل شيء؛ تعني: الشيء المادي, تعني: الصحة, تعني: السلامة, تعني: الطمأنينة, تعني: الثقة, تعني: الراحة, تعني: السعادة, تعني: أن يكون القبر روضة من رياض الجنة, تعني: الجنة. فالعطاء الجامع, المانع, الشامل, الواسع, أو الأصح أن نقول: مطلق, عطاء الله: هي رحمة الله.من معاني الرحمة قال:
﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ﴾
معناها: المطر رحمة, الجفاف ضرَّاء, المرض ضراء, الصحة رحمة, الفقر الشديد ضراء, الكفاية رحمة, الخلافات الزوجية ضراء, السعادة الزوجية رحمة, الأولاد المشاكسون ضراء, الأولاد الصالحون رحمة, هذا معنى آخر:﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾
الآن:﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾
معنى ذلك: كل شيء مريح؛ رحمة الله: كل شيء مسعد, رحمة الله: كل شيء يسر لك أمرك (رحمة)؛ الأولى: جاءته رحمة من بعد ضراء, الثانية: أذقنا الإنسان منا رحمة, ثم نزعناها منه؛ -يعني- السلب بعد العطاء, المرض بعد الصحة, الفقر بعد الغنى, ممكن الغنى بعد الفقر, لكن الثاني أصعب: إنسان كان فقيراً فاغتنى, أما كان غنياً فافتقر, كان مريضاً فشفي, لما كان في صحة طيبة ثم وقع في مرض شديد, مؤمن بين أناس شاردين, مؤمن –يعني- له يدان, وله رأس, وله أرجل, ويأكل, ويشرب كأي إنسان آخر, طيب أين عطاء الله؟ قال:﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾
قد لا تُرى رحمة الله بالعين, شخص مؤمن يشبه أي إنسان, قد يكون –يعني- شكله أقل مما ينبغي؛ ما عنده الجمال الزائد في شكله –مثلاً-, في دخله, في بيته, في أولاده, لكن: باستقامته, واتصاله بالله عز وجل, في بقلبه رحمة, وسعادة, وطمأنينة, لو وزعت على أهل بلد لكفتهم:﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾
أحياناً: تجد بيتاً, -يعني- بيتاً عادياً, لكنه محفوف برحمة الله:﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾
إذا الله عز وجل: أحاط أسرة برحمته, فالأسرة موفقة, متفاهمة, بدخل محدود؛ الله يبارك لها في دخلها, يبارك لها في وقتها, يبارك لها في حاجاتها, والأمور كلها ميسرة, يبارك لها في عملها الصالح, هذا الذي لا يعبأ برحمة الله, هذا ضال أشد الضلال:﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾
لا يرجو رحمة الله, يقنط من رحمة الله.الآن: الآية الأولى:
﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
هؤلاء الذين لا يرجون رحمة الله, هم الضالون. الآن: حينما تُضطر من أجل أن تنال رحمة الله؛ أن تعاكس من حولك, أو أن تعاكس أقرب الناس إليك, قال: أنت مكلف مع هذا الهدف النبيل, والوسيلة المزعجة: أن تكون ليناً:
﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً﴾
-يعني- وأنت في طلب رجاء, رحمة الله: ينبغي أن تكون ليناً مع من حولك.-يعني- أحياناً الإنسان: يؤمن, يستقيم؛ يكون قاسياً مع والدته, قاسياً مع والده, قسوة لا مبرر لها, فمن أجل رحمة الله: يقف موقفاً قاسياً, هذا ما أراده الله عز وجل, حتى وأنت ترجو رحمة الله؛ أن تكون معتدلاً, أن تكون ليناً, وأن ترعى من حولك:
﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾
﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾
في شيء آخر قال:﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُوراً﴾
الأمطار, النباتات, -يعني- هذه الأساسيات في حياة الإنسان؛ الهواء, والنبات, والماء, والطعام, والشراب, والأطيار, والأسماك.......:﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً﴾
﴿آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً﴾
هذا الدعاء الأساسي, الأهم: (رحمتك أرجو, فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين)سيدنا الخَضِر -هذا الذي وردت قصته في القرآن الكريم- قال:
﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾
والإنسان: بأكمله, بكل ما عنده, بوجوده, بإمداده, برشاده, -هو- كله كلمة واحدة قال:﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾
-يعني- رحمة الله: تتمثل بالإيجاد, والإمداد, والهدى, والرشاد.طبعاً آيات كثيرة جداً: من رحمة الله, لكنه موضوع مهم: أن ترى رحمة الله هي كل شيء, وأن تسعى إليها, وأن ترجوها, وأن تكون هي المصير, وهي الهدف, وهي السعادة, وهي الشيء الذي يتمايز به المؤمنون, ورحمة الله: تأتي من طاعته, وتأتي من الإحسان إلى خلقه, فكلما كنت أكثر إحساناً للخلق, كنت أقرب إلى رحمة الله.
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق